"اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا"

Saturday, October 20, 2007

سائح في اللاوعي"الجزء الثالث"


حتى جاء يوم دخل العناية شاب في مقتبل العمر حباه الله بجمال أخاذ وطلعة بهية والجميع يحاول مساعدته ويتمنى شفاؤه لا أحد يعرف ما أصابه ولا يستجيب لأي من العلاجات وأكثر ما أثار دهشتي هو ابتسامته كأنه سعيد ببعده عن الناس وخروجه من الحياة كأنه يقول دعوني كما أنا لا تساعدوني ،لا توقظوني وكانت تصيبه نوبات من آن لآخر يجلس فيها ويصرخ سيبها....سيبها....ثم يعود لهدوئه وابتسامته وبصراحة أيقظ الشجن بداخلي وأشعل رغبة شديدة للتدخل في حياته وأن أعرف أسراره ولأول مرة أدخل عقل مريض لأكتشفه وأسبح في أيامه وأعيش معه لأطول فترة ممكنة وحاولت مرارا وفي كل مرة تفشل المحاولة وتعجبت كثيرا لذاك الفشل وتساءلت هل فقدت القدرة على قراءة الأفكار أم أخطأت بنيتي ورغبتي في اختراق خصوصياته فكررت المحاولة للمرة الأخيرة ولكن لأساعده فعلا وبدأت العمل ودخلت عقله وشاهدت العجب العجاب وجدت محمود سعيدا مع فتاة جميلة يمتلئ قلبه بالحب وتغمر أيامه الرومانسية ويتبادل مع فتاته أعذب الكلمات وأصدق النظرات وأرق الهدايا رأيت عينيه تلمعان وثغره يبتسم رأيته يطير في أحلامه يلمس النجوم بيديه ويقطف أحدها هدية لحبيبته والغريب أني لم أر شيئا آخر عن حادثة أو مشكلة فتعجبت جدا من ذلك وأثناء تجولي في المكان بحثا عن أي شيء حدث ما لم يكن في الحسبان أظلمت الدنيا فجأة واختفى محمود مع فتاته ففتحت عيني خوفا أن يكون الفتى قد مات لكن صدمت لما رأيت فقد ظهرت رئيستي في العمل ولم أستطع حينها أن أتحرك أو أنطق حرفا فقد فهمت الموضوع خطأ وقررت معاقبتي ونقلي إلى قسم آخر والحمد لله أنها اكتفت بذلك وحاولت الاعتذار وتوضيح الأمر دون فائدة ولكن ماذا كنت سأقول أو أوضح وشعرت بخيبة الأمل فكيف سأراه و أساعده ولكني لم أيأس تقربت من أهله وحاولت الاستفسار عن تلك الفتاة وكانت الصدمة أنها زميلته في العمل وكان يحبها بجنون وينتظر الفرصة المناسبة ليعترف لها بذلك لكنه فوجيء بخبر خطوبتها وحين رآها مع خطيبها لم يتحمل المشهد ومنذ ذلك الحين وهو فاقد الوعي
تأثرت جدا بهذا الكلام فكم هو رقيق ورومانسي ، أيحبها لهذه الدرجة ويرفض الحياة بدونها ويأبى إلا أن يكون معها حتى لو كان حلما لا يريد الاستيقاظ منه وفكرت كيف سأساعده وكان الحل الوحيد أن أتدخل بنفسي وأقتل تلك الفتاة ولكن كيف وقد حذرني جدي من ذلك وحينها تذكرت الورقة وفتحتها فإذا بها عنوان في إحدى قرى جنوب سيناء ولم أتردد في الذهاب إليه واستئذانه في مساعدة الشاب حتى إن كنت لن أراه ثانية
وذهبت إليه فعلا بعد مشقة وقابلته وسردت له القصة ورجوته أن يساعدني هذه المرة فقط حتى لو كانت آخر مرة اخترق فيها عقل إنسان ووافق بعد تحذيري أني سأخسر حينها تلك الموهبة وأن الشاب سيكرهني حين يستيقظ لأنه سيتذكر أني سببت له ألما كبيرا دون أن يدرك ما هو
ترددت كثيرا وبقيت طوال الطريق أفكر ولم أنم ليلتها من القلق أن أخبره والحزن أن أفقده والأنانية أن أفقد موهبتي وأعود مجرد ممرضة بسيطة وسألت نفسي ماذا سأستفيد من مساعدته وقد يستيقظ دون تدخلي وقد لا يستيقظ أبدا فهو سعيد ببقائه معها لكنها لا تستحق هذا الحب فهي لم تشعر به أبدا وكدت أصاب بالجنون من التفكير ولا أستطيع النوم حزنا وقلقا ولاحظ الجميع علامات الإرهاق علي ولم أعد تلك الفتاة المحبوبة الشقية وأصبحت كسولة متأخرة أحصل على كثير من الجزاءات والعقاب حتى حزمت أمري وقررت مساعدته فأن أرى سعادته بعودته إلى الحياة وسط أهله وأحبائه وأن يتحدث ويضحك مرة أخرى أهم عندي من أي موهبة وفي كل الأحوال أنا لم أكن شيئا في حياته
...........

2 comments:

dr.Roufy said...

بجد أنا قريت التلات أجزاء كلهم مرة واحدة وماقدرتش اقف بينهم
اسلوبك فعلا بسيط ومشوق في نفس الوقت
والفكرة في حد ذاتها رائعة
وتداعب الروح

عمل رائع ..وانتظر بقية أجزاءه بشغف

تحياتي

Ranoosh said...

سعيدة بقدومك يا دكتور وارجو النهاية تكون على مستوى القصة